«راحت عليك يا دنيا.. وراح زمن الشباب»..
في لحظة بارقة من فيلم «صايع بحر»، يجد الشاب حنتيرة، نفسه مغنياً بمرافقة صديقه هيمه، إحياءً لسهرة مُترفة يقيمها أحد الأثرياء.
المثير أن الأغنية تستند إلى أبيات من الشعر العربي، قديمه وحديثه، على السواء. فتتمُّ الاستعانة بداية ببيت من الشعر، قاله منذ ما يزيد على ألف وخمسمئة سنة، الشاعر الجاهلي العتيد، أمرؤ القيس:
«مكرّ، مفرّ، مقبل، مدبر، معاً.. كجلمود صخر، حطَّه السيل من علِ»
كما يحضر البيت الشهير، للشاعر حافظ إبراهيم:
«أنا البحر، في أحشائه الدرُّ كامن.. فهل سألوا الغوَّاص عن صدفاتي»
وما بين تحوير كلمة «علٍ» إلى «علي»، والخلاف على كلمة «الغواص»، وهل هي «الغطاس»، تندلع البهجة في أغنية، لسنا في موقع من يُحاكمها فنياً، ولكن من ينظر إليها، في سياق الفيلم الدرامي، أولاً، وفي منطوقها، ثانياً.
فعلى الصعيد الدرامي، جاءت الأغنية في سياق مندغم ببنية الفيلم، دون قسر، أو إدِّعاء، وهي مُعبِّرة حقيقة عن الشباب الثلاثة، الذين يقودون الفيلم، من بداية إلى نهاية، بأحلامهم، وانكساراتهم، بآمالهم، وآلامهم.. بل عن أجيال من الشباب العربي..
أما على الصعيد المضموني، فإن الأغنية جاءت طريقتهم في العيش أولاً، وفي التعبير ثانياً، إذ نرى الأغنية تصرخ قائلة: «يا علي.. خللي الشعب يعيش»!..
قد يأخذ ناقد فني ما، الكثير على فيلم «صايع بحر». وقد يراه البعض من أفلام الخفّة في السينما المصرية، في موجتها الشبابية. وسوف لن نعترض على أنه لن يدخل حقل «كلاسيكيات السينما المصرية».
ولكن من قال إننا لن نصرخ، مع أبطاله، على الطريقة المصرية الأثيرة:«يا علي.. شويش بشويش.. خللي الشعب».
الكباب.. الكباب.. لنخلي عيشتكو هباب!..
أخيراً، وعندما أذعن وزير الداخلية، لما اعتقده مطالب «الإهاربيين»، الذين اقتحموا «مجمَّع التحرير»، واختطفوا بعضاً ممن كانوا فيه، وحوَّلوهم إلى «رهائن»، بين أيديهم.. أخيراً، وبعد أن انطلت الحيلة على السيد الوزير، من خلال جملة واحدة: «ثكلتك أمك»!.. وتعزَّزت لديه القناعة أنه أمام مجموعة من محترفي الخطف، والقتل.. أخيراً، وعندما وافق السيد وزير الداخلية، على مجرد مبدأ الاستجابة لمطالب «الخاطفين» الافتراضيين، وسألهم عن مطالبهم. لحظتها حار الجمهور.. ولم يجد الكلمة المناسبة. لقد وجد الناس أنفسهم أمام لحظة حرية مُتاحة.. لحظة نادرة.. واستثنائية.. لكنهم حينها، وجدوا أنفسهم، وبقسوة بالغة، غير قادرين على التقاط مطالبهم الحقيقية، أو بمعنى أدقّ، على ممارسة الحرية الممنوحة لهم.. ولو للحظات قليلة. المريض الذي لا يجد الدواء، والمُجنَّد الذي يتحوّل، طيلة فترة خدمته العسكرية، خادماً عند «سيده الجنرال»؛ الجنرال ذاته الذي يحترف عدم الانتصار في أيِّ حرب، والقروي الذي ذابت أرضه من بين يديه، وتحوَّل إلى ماسح أحذية على أرصفة المدينة، والفتاة التي يُراد تحويلها إلى عاهرة بقرار «حكومي»، وصاحبنا الذي يحتاج ورقة ممهورة بتوقيع رسمي، يمكن إنجازها بدقائق، لولا الصلاة في غير موعدها، والثرثرات التي لا طائل منها، و«تقميع، وفرم الخضار» على طاولات المكاتب.. كلُّ هذه التفاصيل، وغيرها، أصبحت مجرد تفاهات، أمام لحظة الحرية، التي أشعلتها موافقة وزير الداخلية: ما هي مطالبكم؟.. لم يجد الشعب سوى المطالبة بـ «وجبة كباب»!.. غنّوا، ورقصوا، للكباب. وهتفوا: «الكباب.. الكباب.. لنخلي عيشتكو هباب». كان ذلك في فيلم «الإرهاب والكباب».. وما زال عبير الكباب، يراود أنف الشعب.. على الرغم من أنفه..
جيفارا البديري!.. الاستثناء.. امرأة..
لا تكتفي «جيفارا البديري» باسمها الاستثنائي.. بل لعلها لا تريد الاكتفاء بأن تحقق تلك الرغبة التي اعتملت في كوامن والديها، عندما اختارا ذات لحظة، فلسطينية تماماً، تسمية الوليدة بين أيديهما باسم «جيفارا».. كأنما «جيفارا البديري» تريد إنشاء سيرة مختلفة للفتاة الفلسطينية عموماً، والمقدسية خصوصاً، التي لا تثقل كاهلها أنها تحمل اسم أكثر الرجال حضوراً، في القرن العشرين.. هل يمكن للمرء أن يتخيّل فتاة يانعة، رائقة الجمال، ومع ذلك تحمل اسم «جيفارا»؟.. «جيفارا».. اسم ذلك الرجل الاستثناء.. الطبيب ذو الأصل الأرجنتيني، الذي شاء على رغم المرض الساكن بين جانحيه، أن لا يسمح للعالم أن ينام على آلام المقهورين.. «جيفارا».. ذلك الرجل المميز.. بلحيته المشتتة، وشاربيه المتفارقين.. صاحب البيريه المائلة، والنجمة الخماسية، والقلم السحري.. الذي بقي حتى آخر لحظات نبضه طافحاً برجولته.. ولا تسألوا ريتا عن ذلك!.. لولا «جيفارا» الرجل.. ما وصل إلى بلادنا اسمه.. لتكون لدينا «جيفارا» المرأة.. ترى ما المسافة ما بين بأس جيفارا وجيفارا؟.. أقصد ما بين الثائر العالي القامة، في كوبا، والباحث عن لحظة انتصار أو استشهاد، من أنغولا إلى بوليفيا.. والصحفية الفلسطينية، الناحلة الجسد، التي تموت كل يوم، وهي تنقل لنا آخر نبضات المحاصرين في كنيسة المهد ببيت لحم، أو شهقات المطاردين بالاجتياحات، والمختنقين خلف قضبان الاعتقال؟.. «جيفارا البديري».. المرأة ذات الصوت الصارخ في وجوهنا الساكتة أمام الشاشات، تحاول أن تعيد لوجوهنا آخر الرجفات التي ذوت تحت إيقاع التكرار المشهدي للموت الفلسطيني، بعيداً عن قبضات أجهزة التحكُّم «الريموت كونترول»، التي تعرف كيف تنقلنا من نقيع الدم إلى إيقاع الغناء العربي، الممتد من الوريد إلى الوريد!.. كأنما هؤلاء الذين يموتون خلف الشاشات الزجاجية لأجهزتنا «المسطّحة» ينتمون إلى عالم آخر.. وكأنما الصور الرقمية عالية الدقة تعجز عن إيقاد رجفة في الجفون، أو ارتعاشة في مسامات الجلد، الذي تبلَّد منذ أن لم نعد نحار بسؤال: متى يملُّ الفلسطيني من الموت؟!.. «جيفارا البديري».. بيدها الصغيرة اليانعة، القابضة على الميكروفون، لم تعد تذكرنا بفتيات، من عمرها، يليق بهن القبض على باقة من الزهور المرتبكة، في موعد للقاء الحبيب.. فشاءت تذكيرنا في آخر سطر من تقاريرها المسموعة المرئية، أنها في «فلسطين المحتلة».. «فلسطين محتلة»؟!.. يا رب السماوات!.. من عاد ينتبه إلى ذلك؟!.. بل من تراه يقدر على الاعتراف علناً أن كل الدماء النازفة، أو الأشلاء المتناثرة، تستطيع منعه من التهام الموالح، أو احتساء خمرة الحب، أو قضم آخر قطعة في صحن الهزيمة العربية؟.. جيفارا.. أيها الرجل.. صاحب النوم «الغزلاني».. ماذا أبقيت لنا سوى صوت الشيخ إمام، قادماً من عمق أيام فتوتنا، التي ضاعت على الأرصفة، أو الأقبية، العربية، صارخاً: «جيفارا مات»؟!.. قتلوك يا صاحِ.. ومات الشيخ.. وانحنينا تحت وطء الأيام.. لم نعد نبحث عن «وطن حرٍّ»، ولا عن «شعب سعيد».. ولا عاد في برامجنا التلفزيونية إلا المتابعة الكسولة، لليونان وهي تهزم فرنسا، وألمانيا تخرج من التصفيات، وخيبة الإيطاليين الذين أهدوا كأس العالم ذات صيف للثورة الفلسطينية المُحاصرة في بيروت.. والمغنية «شهد برمدا» تهزمها الاستفتاءات الإلكترونية، في برنامج «سوبر ستار».. لم تترك لنا الأيام سوى أن نتأنَّق أمام الكاميرات، لنشتمَ البرامج الإباحية التي نرجمها في العلن، ونتابعها آن ينام أطفالنا، وتهجع نساؤنا.. ونستنطق على إيقاعها لذَّاتنا المشنوقة على أسلاك صحن الإرسال.. جيفارا.. من تراه يعود اليوم ليستمع إلى مارسيل خليفة، وقعبور، والكرد.. أو من تراه يأبه اليوم لانثناءات مظفر النواب، على منصة الشتم «أقصد الشعر» العربي، مترعاً بسكره وسكَّره؟.. دبابتان على جسر الجمهورية.. فأين أحلامك أيها العراقي، الذي أهرقت عمراً من الألم، توقد ناراً تحتها؟.. ما معنى كل هذا الموت الذي غُصت في ممارسته، إذا كانت دبابتان.. دبابتان فقط.. تحلّ المسألة؟.. خسة وبطحة عرق على ضفة دجلة، وموت ينتظرك في كل مكان، إذ تهرب من حرب لا ناقة لك فيها ولا جمل، إلى موت لا قيمة لك فيه.. وبريمر سيقول لك: «نلناه»!.. عفواً.. لا تحوّر الأحرف.. فمن سرق العصر سيصبح شاهداً عليه.. وأنت لا شهادة لك.. هنا أو هناك.. فقط خرزات من الدموع يكنسها «جوزيف» عن بلاط «الفريدي».. وطرّاحة من الإسفنج في غرفة في مخيم اليرموك، أو في مخيم عين الحلوة، لا تستطيع لملمة رائحة موتك أيها العراقي.. بعد أيام من انطفائك الأبدي، وحيداً، غريباً!.. «جيفارا البديري».. أيتها الفتاة الغائصة في جرحنا.. لماذا لا تنامين، وتتركينا ننام؟.. لماذا أنت مصرّة على تلك الهالات السوداء تحت ضفاف عينيك؟.. أيُّ بيت لحم؟.. وأي رام الله؟.. وما علاقتنا بمن يجدِّد خيمته بعد ستين عاماً في مخيم رفح؟.. وما علاقتنا برأس الشيخ أحمد ياسين المفلوقة؟.. أليس هو موسم شارون لقطاف «الرؤوس الحامية»؟.. ما علاقتنا بشظايا أبو علي مصطفى، أو تفحّم إسماعيل أبو شنب، وغربلة جسد عبد العزيز الرنتيسي؟.. أهذا أوانكِ يا جيفارا؟.. أما تدرين أنه مات؟.. وأن الشيخ إمام مات.. وإبراهيم المقادمة مات.. وصلاح شحادة مات.. وعقل، وعوض الله، وعياش، وأبو هنود.. ومن لم يمت بالـ «هيل فاير» مات بجلطة؟!.. «جيفارا البديري».. لا تهتفي، ولا تصرخي.. ولا تنادينا.. فلسنا هنا.. نامي.. يا ابنتي قليلاً.. ودعينا ننام.. فهذا زمن الفضيحة على الهواء مباشرة!.. نعم.. «LIVE»!..
حكمة اليوم.. وكل يوم..
صورة أمي.. والسينما
في الثالث من آب، عام 1962، ولدتني أمي. كنتُ سادس أولادها السبعة، الذين بقوا لها على قيد الحياة. قبل تلك اللحظة بعشرين سنة تماماً، كانت أمي قد صنعت تفاصيلَ صغيرةً من حكايتها الخاصة، التي لم تتمّ روايتها، على النحو اللائق، بعد. وذلك منذ أن خرجت من طفولة يُتم قلقة، مبكرة، ليتمَّ تزويجها صغيرة، بعد أن قُتل أبوها، وزُوِّجت أمها.. في يوم ما، كان الوقت يبحر في نيسان عام 1948. لم يكن أبي في البيت، فاتخذت أمي القرار الذي لابد منه. حزمت القليل من متاع البيت، وأغلقت أبوابه، ودسَّت المفتاح في العصبة، وساقت دابتها غرباً، بعد أن جعلت طفلها الصغير «نصر»، يجثم بكل براءته، فوق المتاع القليل، دون أن تجعله ينتبه إلى القلق الذي كان يساورها، أبداً. لحظتها، لم تلفت أمي كثيراً إلى الوراء، إلى قرية «الخالصة»، في اصبع الجليل الفلسطيني، لكنها ستبقى، اثنتين وخمسين سنة، بعد ذلك، ترنو إلى الوراء، حيث العالم الذي خلفته، مترعاً بالوحشة، وبذكريات الفرح، والوجع، على مبعدة لحظة من قبضة الاحتلال، التي ستحيق بالبلد في الخامس عشر من شهر أيار، ليبقى اسمه حتى الآن «يوم النكبة»!.. سيأتي أبي بعد قرابة شهر، ليبحث في ركام اللاجئين الفلسطينيين، المتناثرين بين «هونين» و«بنت جبيل»، في خيام النفي والبؤس، ليجد أمي، ويقودها إلى بلد آخر، وعالم آخر، لم يكن أبداً هو البيت الذي انطوى في الذاكرة، وما زال. ولم يكن العالم الذي لعلها وعدت نفسها به، في غفلة حلم ما، راودها في قرية «المفتخرة».. الآن تماماً أراها، تنجب الأولاد، وتربّيهم، وتعلّمهم، وهي الأميّة التي لم تقرأ حرفاً في حياتها، ولم تتلُ سوى سورتين قصيرتين، أو ثلاثة، بقيت قرابة سبعين سنة تردِّدها، في صلواتها التي لم تنقطع، إلا على عتبة غرفة العناية المركَّزة، في مشفى المواساة. الآن تماماً أراها، تصرّ زوّادتها من بيضة مسلوقة وحبتي بندورة، أو من بقايا طبخة البارحة، وتذهب إلى الحقول المجاورة للمخيم، حيث التعشيب والحصيدة والرجيدة واللقاط.. قبل أن تركب أول ميكروباص وصل إلى مخيم «دنون»، فتعمل في المطحنة، والمعامل، والورشات الصغيرة، للنايلون والبلاستيك، وصناعة الشحاحيط، والأحذية الكاوتشوكية السوداء، التي طالما أكلت من حوافي أقدامنا المقشّبة، والمتشقّقة. الآن أراها.. تطبخ، تغسل، تجلي.. تخوض الحروب على «الحنفية» العامة. الآن أراها.. فارسة في كل شيء.. فارسة!.. إلا أمام نظرات والدي الغاضبة، أو تحت وقع قشاطه الجلدي العتيد، الذي لم يكن يوفّر صغيراً ولا كبيراً، في لحظة غضب، لم نكن نعدم زيارتها بين حين وآخر.. أرى صورة أمي.. تنطوي في الذاكرة.. يلفُّها الغياب، وتعاند النسيان.. لم يكتبها أحد.. لم يرسمها أحد.. لم يصورها أحد..تكتفي بأنها سينما الحياة.
بندر عبد الحميد
قرابة أربعين عاماً في قلب دمشق.. وبندر عبد الحميد ما يزال ذاك الطفل البدوي الذي طلع من خباء والده، ليشق غبار العالم.. ويغمره ببهاء الكلمة، بأناقة الشعر، ورونق الإبداع.. ما زال الوشم منقوشاً على ظاهر يده.. لقد طوَّع المدينة وما طوَّعته.. بقي حراً منفلتاً.. كما كان صبياً ينطلق على ظهر مهر صغير ليستقبل شمس الحقول على حافة الحسكة.. وبندر الواقف على حدود الستين من العمر، لم يبارح ذاك الطفل الذي كانه.. فيه الكثير من براءة الطفل، وبساطته، وعفويته.. وفيه الكثير من صدقه.. صادق مع نفسه والجميع.. كريم.. معطاء.. وكما كان بيت والده مفتوحاً من الجهات الأربع.. للشمس والريح والضيوف.. ها هو بيت بندر في قلب العاصمة دمشق، مفتوحاً للصديق والزميل والضيف.. هل نغالي إذا قلنا إن تلك الأمتار القليلة التي تشكل بيت بندر، تستحق أن تدخل في التراث الثقافي السوري خلال الربع الأخير من القرن العشرين.. من من أعلام سوريا والعالم العربي لم يدخل بيت بندر؟.. من منهم لم يمضي وقتاً من عمره فيه؟.. «إفرد أصابعك وعد».. لن تكفيك الأصابع، ولن تسعفك الذاكرة.. فالكثير الكثير مروا من هنا.. في الأدب والفن، في الشعر والرواية والقصة.. في السينما والمسرح والفن التشكيلي.. في السياسة والديبلوماسية.. سوريون وعرب.. أجانب من شتى بلدان العالم.. جادون وهازلون.. مناضلون وفوضويون.. ملتزمون ومنفلتون.. أجيال تمتد على مدى خمسين سنة.. رجالاً ونساء.. فقط في بيت بندر كان يمكن لك أن تلتقي بشيخ الأدباء السوريين: عبد السلام العجيلي، في الوقت ذاته الذي يمكن أن تصادف شاباً يرصف خطواته الأولى، على درج الأدب، والصحافة، والفن.. ويوماً بعد يوم.. صار من الطبيعي للكثيرين أن يعتبروا المرور على بيت بندر، نقطة أولى، وأساسية، على جدول أعمالهم في دمشق.. مهما قصرت زياراتهم!.. الكثير من النقاشات الجادة.. والكثير من لحظات اللهو والمتعة.. الكثير من المشاريع الأدبية والفنية.. والكثير من الأوهام التي تذروها لحظات الصحو الأولى.. شاي كثير.. قهو كثير.. وخمر كثير.. ذات وقت، وعندما دخل الموبايل إلى سوريا، بقي بيت بندر خارج التغطية.. تندر الكثيرون وقالوا.. هنا خارج التغطية في كل شيء.. كتب بندر الشعر فكان مجدداً.. ومتقدماً في صفوف الشعر السوري الحديث.. كتب النقاد عنه.. وقد أدركوا صفاء شعره، وأصالته.. كتب بندر في النقد السينمائي.. فعايش مجلة الحياة السينمائية منذ ولادتها حتى غدت المجلة الرسمية الوحيدة المتخصصة سينمائياً في العالم العربي، وغدت مرجعاً ومحط اهتمام الكثير من السينمائيين في شتى أنحاء العالم العربية.. وقراء العربية من النقاد.. عمل بندر في المؤسسة العامة للسينما، فكان أحد الذين خطوا الكلمات الأولى من نظام مهرجان دمشق السينمائي، وأحد الذين عاشوا اللحظات الأولى لولادة هذا الحلم السينمائي الكبير.. وهل بندر إلا صانع أحلام.. وعاشق حرية!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق